بسم الله الرحمن الرحيم
قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى {14} وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى {15} الأعلى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من كتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد
للإمام العلامة شيخ الإسلام محمد بن أبى بكر الزرعى ابن قيم الجوزية
فصل فى : حكمه صلى الله عليه وسلم فيما كان يُهدى إليه :
كان أصحابُه رضى اللَّه عنهم يُهدون إليه الطعامَ وغيره، فيقبلُ منهم، ويُكافئهم أضعافَها.
وكانت الملوكُ تُهدى إليه، فيقبلُ هداياهم، ويَقْسِمُها بينَ أصحابه، ويأخُذُ منها لنفسه ما يختارُه، فيكون كالصفىِّ الذى له من المغنم.
وفى ((صحيح البخارى)): أن النبى صلى الله عليه وسلم أُهدِيَتْ إليه أَقْبِية دِيباجٍ مزرَّرَة بالذهب، فقسمها فى ناس مِن أصحابه، وعزل منها واحداً لِمخْرَمة بنِ نوفل، فجاء ومعه المِسور ابنُه، فقام على الباب، فقال: ادْعُهُ لى، فسمِع النبىُّ صلى الله عليه وسلم صوتَه، فتلقاه به فاستقبلَه، وقال: (( يا أَبا المِسْوَرِ خَبَأْتُ هذَا لَكَ )) .
وأهدى له المُقَوْقِسُ ماريةً أمَّ ولده، وسِيرين التى وهبها لحسان، وبغلةً شهباء، وحماراً.
وأهدى له النجاشىُّ هديةً، فَقبِلَها منه، وبعث إليه هديةً عوضها، وأخبر أنَّه مات قبلَ أن تَصِلَ إليه، وأنها تَرْجعُ، فكان الأمر كما قال.
وأهدى له فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الجذَامِى بغلةً ببيضاء ركبها يوم حُنين، ذكره مسلم.
وذكر البخارى: أن مَلِكَ أيلةَ أهدى له بغلةً بيضاء، فكساه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بُردة، وكتب له بِبَحْرِهِم.
وأهدى له أبو سفيان هدية فقبلها.
وذكر أبو عبيد: أن عامرَ بن مالك مُلاعِبَ الأْسِنة، أهدى للنبى صلى الله عليه وسلم فرساً فرده، وقال: (( إنَّا لا نَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ )) وكذلك قال لعياض المجاشعى: (( إنَّا لا نَقْبَلُ زَبَدَ المُشْرِكِين )) يعنى: رِفدهم.
قال أبو عبيد: وإنما قبل هدية أبى سفيان لأنها كانت فى مدةِ الهُدنة بينه وبين أهل مكة، وكذلك المقوقِسُ صاحبُ الإسكندرية إنما قبل هديته لأنه أكرمَ حاطبَ بن أبى بلتعة رسوله إليه، وأقرَّ بنبوته، ولم يُؤيسه من إسلامه، ولم يقبل صلى الله عليه وسلم هديةَ مشركٍ محاربٍ له قطُّ. .
***********
اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَاواتِ والأَرْض وَمَنْ فِيهنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيَمُ السَّمَاوَاتِ والأَرضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْد، أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقُّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبيّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي مَا قَدَّمْتُ، وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهي، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ
قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى {14} وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى {15} الأعلى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من كتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد
للإمام العلامة شيخ الإسلام محمد بن أبى بكر الزرعى ابن قيم الجوزية
فصل فى : حكمه صلى الله عليه وسلم فيما كان يُهدى إليه :
كان أصحابُه رضى اللَّه عنهم يُهدون إليه الطعامَ وغيره، فيقبلُ منهم، ويُكافئهم أضعافَها.
وكانت الملوكُ تُهدى إليه، فيقبلُ هداياهم، ويَقْسِمُها بينَ أصحابه، ويأخُذُ منها لنفسه ما يختارُه، فيكون كالصفىِّ الذى له من المغنم.
وفى ((صحيح البخارى)): أن النبى صلى الله عليه وسلم أُهدِيَتْ إليه أَقْبِية دِيباجٍ مزرَّرَة بالذهب، فقسمها فى ناس مِن أصحابه، وعزل منها واحداً لِمخْرَمة بنِ نوفل، فجاء ومعه المِسور ابنُه، فقام على الباب، فقال: ادْعُهُ لى، فسمِع النبىُّ صلى الله عليه وسلم صوتَه، فتلقاه به فاستقبلَه، وقال: (( يا أَبا المِسْوَرِ خَبَأْتُ هذَا لَكَ )) .
وأهدى له المُقَوْقِسُ ماريةً أمَّ ولده، وسِيرين التى وهبها لحسان، وبغلةً شهباء، وحماراً.
وأهدى له النجاشىُّ هديةً، فَقبِلَها منه، وبعث إليه هديةً عوضها، وأخبر أنَّه مات قبلَ أن تَصِلَ إليه، وأنها تَرْجعُ، فكان الأمر كما قال.
وأهدى له فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الجذَامِى بغلةً ببيضاء ركبها يوم حُنين، ذكره مسلم.
وذكر البخارى: أن مَلِكَ أيلةَ أهدى له بغلةً بيضاء، فكساه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بُردة، وكتب له بِبَحْرِهِم.
وأهدى له أبو سفيان هدية فقبلها.
وذكر أبو عبيد: أن عامرَ بن مالك مُلاعِبَ الأْسِنة، أهدى للنبى صلى الله عليه وسلم فرساً فرده، وقال: (( إنَّا لا نَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ )) وكذلك قال لعياض المجاشعى: (( إنَّا لا نَقْبَلُ زَبَدَ المُشْرِكِين )) يعنى: رِفدهم.
قال أبو عبيد: وإنما قبل هدية أبى سفيان لأنها كانت فى مدةِ الهُدنة بينه وبين أهل مكة، وكذلك المقوقِسُ صاحبُ الإسكندرية إنما قبل هديته لأنه أكرمَ حاطبَ بن أبى بلتعة رسوله إليه، وأقرَّ بنبوته، ولم يُؤيسه من إسلامه، ولم يقبل صلى الله عليه وسلم هديةَ مشركٍ محاربٍ له قطُّ. .
***********
اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَاواتِ والأَرْض وَمَنْ فِيهنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيَمُ السَّمَاوَاتِ والأَرضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْد، أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقُّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبيّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي مَا قَدَّمْتُ، وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهي، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ